موضوع بحث شامل عن الطحالب،التعريف والأهمية ودورة الحياة

مقدمة عن الطحالب

الطحالب هي مجموعة متنوعة من الكائنات الحية البسيطة التي تشبه النباتات في بعض الصفات. مثل النباتات، تستخدم معظم الطحالب الطاقة الشمسية لإنتاج غذائها في عملية تسمى التركيب الضوئي. ولكن على عكس النباتات، تفتقر الطحالب إلى الجذور والأوراق والأجزاء الأخرى التي تميز النباتات الحقيقية.تشمل الطحالب من الأشكال البسيطة مثل الطحالب الخضراء والطحالب الحمراء والطحالب البنية، إلى الأشكال المعقدة مثل الفوقانات والأشنات. تلعب الطحالب دورًا هامًا في حفظ التوازن البيئي وإنتاج الأكسجين وتوفير مصادر غذائية ودوائية للإنسان والحيوان. كما تستخدم الطحالب في مجالات عديدة مثل الزراعة والصناعة والطاقة والتجميل.

تعتبر الطحالب من أهم الكائنات الحية التي تقوم بالتركيب الضوئي على سطح الأرض. فهي تستهلك طاقة شمسية أكبر وتنتج كمية أكبر من الأوكسجين (وهو ناتج عملية التركيب الضوئي) مقارنة بجميع النباتات مجتمعة. كما تشكل الطحالب الهيكل الغذائي المائي الرئيسي، حيث تغذي عليها مختلف أنواع الحيوانات.

كيف تختلف أشكال وأحجام وأماكن نمو الطحالب؟

تختلف أشكال وأحجام وأماكن نمو الطحالب بشكل كبير. فهناك طحالب مجهرية تسمى بالفيتوبلانكتون، وهي تعوم أو تطفو في الماء. وهذه الطحالب صغيرة جداً، حيث يصل حجم 1000 منها إلى حجم رأس دبوس. وهناك طحالب كبيرة جداً، مثل الطحالب البحرية، وهي تنمو في قاع المحيطات. وقد يصل طول بعض هذه الطحالب إلى 100 متر أو أكثر، كما في حالة عشب البحر العملاق.ولا تقتصر نمو الطحالب على الماء فقط، بل تنمو أيضاً على التربة والأشجار والحيوانات وحتى داخل بعض أنواع الصخور. كما تستطيع الطحالب التأقلم مع درجات حرارة مختلفة، فهي تنمو في الماء الساخن أو على سطح الثلج أو في باطنه.

تقوم بعض أنواع الطحالب بعلاقات تعايشية مفيدة مع كائنات حية أخرى. فعلى سبيل المثال، تعيش بعض الطحالب مع فطريات لتشكل الأشنات، وهي نموات تتكون على الصخور والجبال والأشجار. وفي هذه العلاقة، تزود الطحالب الفطريات بالأوكسجين والمواد الغذائية المعقدة، وتحصل بدورها على الحماية والمواد الغذائية البسيطة. كما تعيش بعض الطحالب داخل خلايا المرجان، وتسمى هذه الطحالب بالزوكسانثيل. وفي هذه العلاقة، تساعد الطحالب المرجان على النمو والتلون، وتستفيد من بيئته المستقرة. بهذه الطريقة، يتمكن كلا الشريكين من البقاء في ظروف قاسية لولا التعايش لما استطاعا تحملها.

أقدم نوع من الطحالب

يعتقد أن أقدم نوع من الطحالب هو البكتيريا الزرقاء، وهي نوع من الطحالب تسمى أيضاً بالسيانوبكتيريا. وقد عثر على هذه البكتيريا متجمدة في صخور عمرها أكثر من 3 مليارات سنة. وتعتبر هذه البكتيريا من أولى الكائنات التي قامت بالتركيب الضوئي في فترة لم يكن فيها أوكسجين في الجو. وهناك نظرية علمية تقول إن هذه البكتيريا ساهمت في زيادة نسبة الأوكسجين في الجو على مر الزمن. ولقد كانت الطحالب هي المسؤولة عن التركيب الضوئي لمليارات من السنين قبل ظهور النباتات على سطح الأرض.

تركيب الطحالب

تنتمي الطحالب إلى مجموعة متنوعة من الكائنات الحية الشبه نباتية، وتختلف في تركيبها الداخلي والخارجي. فمعظم الطحالب هي كائنات حقيقية النواة، أي أن لها نواة وأعضاء محاطة بأغشية داخل الخلية، مثل الميتوكوندريا. ولهذه الطحالب عضو خاص يسمى الكلوروبلاست، وهو يحتوي على صبغة خضراء تسمى الكلوروفيل، وهي تمتص ضوء الشمس لإنتاج الغذاء في عملية التركيب الضوئي. وهذه الصبغة هي نفسها الموجودة في النباتات. كما تحتوي بعض الطحالب على صبغات ثانوية أخرى، مثل الكاروتين والفيكوبيلين، وهي تعطي للطحالب ألوان مختلفة، مثل الأحمر والأصفر والأزرق.

أما البكتيريا الزرقاء، فهي كائنات غير حقيقية النواة، أي أن لها خلية بسيطة لا تحتوي على نواة أو أعضاء محددة. وهذه البكتيريا تشابه البكتيريا في بعض خصائصها، لكنها تقوم بالتركيب الضوئي مثل النباتات. وتحتوي هذه البكتيريا على صبغة زرقاء تسمى سيانوفيل، بالإضافة إلى صبغة خضراء هي الكلوروفيل.

تختلف أشكال وأحجام وجدار خلية الطحالب باختلاف أنواعها. فهناك طحالب صغيرة جداً، لا يمكن رؤيتها إلا بالمجهر، وهذه تسمى فيتوبلانكتون. وهذه الطحالب تعوم في الماء بفضل زوائد سوطية تسمى سوط. وهناك طحالب كبيرة جداً، يصل طول بعضها إلى عشرات المترات، وهذه تسمى أعشاب بحرية. وهذه الطحالب تثبت نفسها في قاع الماء بأجزاء تشبه جذور.

وللطحالب أشكال مختلفة، فمنها مستدير أو مستطيل أو مستعرض أو مستقطب أو مستقام. ومنها مفرد أو مستعمر أو متشابك أو متشعب. ومنها يشكل قرص أو أنبوب أو مضرب أو شجرة. وللطحالب جدار خلية يحميها من العوامل الخارجية، ويتكون هذا الجدار من مواد مختلفة، مثل السليلوز أو السيليكا أو الكالسيوم. ويعطي هذا الجدار للطحالب شكلاً وصلابة مميزة.

طرق تغذية الطحالب

تغذى معظم الطحالب بعملية التركيب الضوئي، حيث تستخدم ضوء الشمس وثاني أكسيد الكربون والماء لإنتاج الغلوكوز والأوكسجين. وهذه العملية تحتاج إلى صبغات تمتص ضوء الشمس، مثل الكلوروفيل والصبغات الثانوية. وهذه الصبغات توجد في عضو خاص يسمى الكلوروبلاست، أو في جزء من الخلية يسمى التيلاغود. وهذه العملية تحدث في جميع أنواع الطحالب، سواء كانت حقيقية أو غير حقيقية النواة.

ولكن بعض الطحالب لا تستطيع التركيب الضوئي، أو تحتاج إلى مصادر غذائية إضافية. فهذه الطحالب تغذى بطرق أخرى، مثل امتصاص المواد الغذائية من الماء أو من كائنات حية أخرى. فبعض الطحالب لها جدار خلية رخو، يسمح لها بإخراج جزء من نفسها لامتصاص طعامها بحركة شبيهة بالأميبا. وبعض الطحالب لها سوقة طويلة، تستخدمها لامتصاص طعامها من بعد. وبعض الطحالب لها أشكال رمحية، تستخدمها لالتقاط طعامها من حولها. وبعض الطحالب تعيش متطفلة على كائنات حية أخرى، تستفيد من غذائها دون إفادتها. فمثلاً، بعض الطحالب الحمراء تعيش على طحالب حمراء أخرى، وبعض الطحالب ذات الأسواط تعيش في أمعاء بعض الحيوانات المائية.

التكاثر اللاجنسي في الطحالب

التكاثر اللاجنسي هو طريقة تكاثر تحدث دون اندماج المادة الوراثية بين كائنين. وهذه الطريقة تؤدي إلى إنتاج كائنات جديدة مشابهة للكائن الأصلي. وتتكاثر بعض أنواع الطحالب بهذه الطريقة بصورة مختلفة. فأبسط طريقة هي الانقسام الثنائي، حيث تنقسم الخلية إلى خليتين جديدتين. وهذه الطريقة تحدث في الطحالب أحادية الخلية، مثل اليوغلينا. وطريقة أخرى هي التجزئة، حيث ينفصل جزء من الكائن المتعدد الخلايا ويشكل كائناً جديداً. وهذه الطريقة تحدث في بعض أنواع الأعشاب البحرية، مثل الساركاسم. وطريقة ثالثة هي التبرعم، حيث تنمو براعم خاصة على سطح الكائن المتعدد الخلايا وتفصل عنه لتشكل كائنات جديدة. وهذه الطريقة تحدث في بعض أنواع السفاسيلارية. وطريقة رابعة هي تكوين سبورات، حيث تنتج خلايا خاصة قادرة على البقاء في ظروف قاسية والنمو إلى كائنات جديدة عندما تجد ظروف مناسبة. وإذا كانت هذه السبورات لها أسواط تستخدمها للحركة، فإنها تسمى سبورات شبه حيوانية.

التكاثر الجنسي في الطحالب

التكاثر الجنسي هو طريقة تكاثر تحدث باندماج المادة الوراثية بين كائنين. وهذه الطريقة تؤدي إلى إنتاج كائنات جديدة مختلفة عن الكائنات الأصلية. وتتكاثر بعض أنواع الطحالب بهذه الطريقة بصورة مختلفة. فأبسط طريقة هي الاقتران، حيث يتحد جسمان من نفس نوع الطحالب ويتبادلان المادة الوراثية ثم يفصلان. وهذه الطريقة تحدث في بعض أنواع المستديات، مثل سبايروديرا. وطريقة أخرى هي التخصص، حيث يتخصص جزء من خلايا المستديات لإنتاج خلايا جنسية تسمى نطاف أو بوغات، وهذه الخلايا تندمج مع خلايا جنسية من كائن آخر لتشكل خلية متمايزة تسمى زيغوت. وهذه الطريقة تحدث في بعض أنواع الأميتاريا والسفاسيلارية. وطريقة ثالثة هي التبادل، حيث يتبادل جزء من الكروموسومات بين خلايا مجاورة من نفس نوع الطحالب، مما يؤدي إلى تنوع وراثي. وهذه الطريقة تحدث في بعض أنواع البكتيريا الزرقاء.

الممالك التي تنتمي إليها الطحالب

تنتمي الطحالب إلى مجموعات مختلفة من الكائنات الحية، تختلف في تركيبها ووظائفها. وهناك نظام تصنيف شائع يقسم الطحالب إلى مملكتين رئيسيتين: المملكة البدائية النواة والمملكة الأوالي. وفي هذا النظام، تصنف معظم الطحالب في المملكة الأوالي، مع الكائنات حقيقية النواة، أي التي لها نواة وأعضاء محددة داخل الخلية. وتصنف البكتيريا الزرقاء في المملكة البدائية النواة، مع البكتيريا، وهي كائنات غير حقيقية النواة، أي التي لا تحتوي على نواة أو أعضاء محددة داخل الخلية. وهذا التصنيف قابل للمراجعة والتغيير بناء على آخر الأبحاث والمعارف عن علاقات هذه الكائنات ببعضها.

تنقسم المملكة الأوالي إلى شعب عديدة، تختلف في خصائصها وأشكالها وألوانها. وفي هذا الفصل، سنتعرف على خمس شعب رئيسية من شعب الطحالب، هي: شعبة الطحالب الخضراء، وشعبة الطحالب الحمراء، وشعبة الطحالب الذهبية-البنية، وشعبة الطحالب السوطية، وشعبة الدياتومات.

فوائد الطحالب واستعمالاتها

1- الطحالب كمصدر غذائي

الطحالب تزود الإنسان والمواشي بالطعام، فهي تحتوي على نسبة عالية من البروتين والمعادن والعناصر النادرة والفيتامينات. ويستهلك الإنسان أكثر من 150 نوعًا من الطحالب، خصوصًا في الدول الآسيوية، مثل اليابان والصين وكوريا. وتبلغ قيمة الأعشاب البحرية التي يستخدمها الإنسان سنويًا بليونات الدولارات. ومن أشهر المنتجات الغذائية المستخرجة من الطحالب هي الطحلب الأحمر Porphyra، المسمى نوري (nori)، والذي يستخدم في تحضير الحساء والصلصة والسوشي (sushi) والتوابل. كما تستخدم المناطق الساحلية لأمريكا الشمالية وأوروبا الطحالب البحرية لإطعام حيوانات الحقول بمواد غذائية مكملة.

2- الطحالب كمادة كيماوية

الطحالب تستخدم كعوامل مثخنة أو مستحلبة أو هلامية في صناعات مختلفة، مثل صناعة المواد الغذائية والأدوية والأنسجة ومستحضرات التجميل. فتنتج الطحالب البنية حامضًا يسمى حامض الجار (alginic acid)، وهو يستخدم في تثبيت المستحلبات والعوالق. ويوجد في المشروبات والآيس كريم والأصباغ. كما يستخلص هلامًا يسمى آكار (agar) أو كاراجينان (carrageenan) من الطحالب الحمراء، وهو يستخدم في تحضير مواد هلامية مختلفة تستخدم في البحوث العلمية. فهلام الآكار يستخدم في تنمية البكتريا والفطريات والزراعات الخلوية.كذلك يستخدم هلام الآكار في صناعة الأغذية لتثبيت حشوات الحلوى وحفظ معلبات اللحوم والأسماك. أما هلام الكاراجينان، فيستخدم كمثخن ومثبت في المنتجات مثل البودنج والمشروبات والشامبو.

3-كمادة طبية

الطحالب تستخدم كأدوية ضد عدد من الأمراض، فهي تحتوي على مواد فعالة تؤثر على الجهاز المناعي أو الهرموني أو المضاد للالتهاب. وقد استخدمت الطحالب لقرون، خصوصًا في الدول الآسيوية، لعلاج بعض الأمراض مثل السعال والنقرس وحصاة كيس الصفراء وتضخم الغدة الدرقية وارتفاع ضغط الدم والإسهال. وقد لوحظ حديثًا في بحوث أجريت على الطحالب كمادة ضد السرطان، خصوصًا السيانوبكتريا، التي تحتوي على مواد تثبط نمو الخلايا السرطانية.

4- تنبه إلى المشاكل البيئية

الطحالب تعمل كمؤشر بيئي للأنظمة المائية، فهي حساسة للتغيرات البيئية، مثل التغير المناخي أو التلوث أو التغذية. فعند حدوث هذه التغيرات، قد تتأثر نموها أو تكاثرها أو تكوينها. فعلى سبيل المثال، فإن توقف نمو مستعمرات الدياتومات في فلوريدا يعطي انطباعًا قويًا لوجود تغيرات فسفورية في الماء. وقد تقوم بعض أنواع الطحالب بإفراز سموم أو استهلاك كمية كبيرة من الأكسجين من الماء، مما يؤدي إلى نفوق الأسماك والنباتات وتدهور جودة الماء.