advertisement

معالم حضارة الهكسوس واثارهم الباقية

advertisement

من هم الهكسوس؟

advertisement

الهكسوس أو الملوك الرعاة (بالهيروغليفية heqa khasewet، “الحكام الأجانب”)، وفقًا للتاريخ، هم شعوب بدائية وبدوية من أصول مختلفة دخلت مصر من الشرق خلال فترة الضعف التي شهدتها نهاية حكم الدولة الوسطى، وتحديدًا في نهاية حكم الأسرة الرابعة عشر. لا يوجد اتفاق بين خبراء التاريخ حول أصل هؤلاء الملوك الرعاة، ولكن الرأي السائد يشير إلى أن أصلهم يعود إلى مناطق غرب ووسط آسيا، ومنها انتقلوا إلى بلاد الشام ومصر.

استمرت فترة احتلال الهكسوس لمصر لمدة تقريبًا مائة عام، ولم تكن إقامتهم في البلاد هادئة، بل واجهوا العديد من الثورات والمقاومة من الشعب المصري.لم تسجل فترة احتلال الهكسوس أحداثًا بارزة في تاريخ مصر، بل كانت فترة مليئة بالنهب والتخريب والتدمير.تم بدء طرد الهكسوس من خلال حرب شرسة شنها المصريون ضدهم، وانتهت بطردهم نهائيًا على يد الملك أحمس الأول في عصر الأسرة الحديثة. منذ ذلك الحين، لم يلعب الهكسوس أي دور في تاريخ البشرية.بهذه الطريقة، انتهت فترة من الاستعمار المستعرة التي كرهها المصريون ولعنوا أيامها، وظل المصريون في جميع العصور التالية يكرهون الهكسوس ويلعنون أيامهم.

ملوك عصر الهكسوس

advertisement

من المعروف أنه تم تقسيم ملوك مصر في عهد الهكسوس إلى ثلاثة أسرات. يذكر أولاً ستة ملوك يتكونون منهم عهد الأسرة الخامسة عشرة وهم: ١- سالايتس ٢- بنون ٣- أبا خناس ٤- أبو فيس ٥- يناسى ٦- آست.

ووفقًا لملخص “أفريكانوس”، هناك أسرة ثانية وهي الأسرة السادسة عشرة، وعدد ملوكها ثنائي وثلاثون ملكاً. ثم تأتي الأسرة السابعة، وقد حكم فيها ثلاثة وأربعون ملكًا من الهكسوس ومثلهم من الطيبين جنباً إلى جنب، وانتهت بطرد الهكسوس على يد الفرعون “أحمس” الأول مؤسس الأسرة الثامنة عشرة.

هناك ثلاثة ملوك من الهكسوس يحملون اسماً مشتركاً وهو “أبو فيس”، وألقابهم هي:

  • ملك الوجهين – القبلى والبحري (ابن الشمس عاو سررع)
  • الإله الطيب رب الأرض (ابن الشمس بن خيش رع، الإله الطيب عاقنن رع ابن شمى).

advertisement

بالإضافة إلى ذلك، يحمل عدد من ملوك الهكسوس لقب “حقا خاسوت” وهؤلاء هم: ١- حاكم البلاد الأجنبية (سمقن). ٢- حاكم البلاد الأجنبية (عانت هر). ٣- حاكم البلاد الأجنبية (خيان).

وتوجد أيضًا مجموعة أخرى من الملوك يحمل كل منهم لقب “الإله الطيب” وهم: ١- الإله الطيب (عا حتب رع). ٢- الإله الطيب (مرو سررع). ٣- الإله الطيب (وازد).

معالم حضارة الهكسوس

advertisement

تشير الأدلة الأثرية إلى أن الهكسوس قد أدخلوا إلى مصر عناصر حضارية جديدة في فترتهم الحاكمة. كانت السمة العامة في تلك الفترة هي الهبوط والتدهور في مصر، ولكن الهكسوس نجحوا في إحلال الاستقرار بعد فترة من الاضطراب والصراع على السلطة.

advertisement

خلال حكمهم، ازدهرت العمارة والفنون والتجارة الدولية. قدموا العديد من الابتكارات في صناعة الأسلحة وغيرها من الصناعات العسكرية. يتميز الخزف الهكسوسي بألوانه وزخارفه وتقنيات صناعته، وتم اكتشاف ذلك من خلال الحفريات في مواقع مثل تل الضبعة وتل المسخوطة وتل اليهودية. قدم الهكسوس أيضًا الحصان ومركبة القتال والقوس المركب وصناعة الأسلحة البرونزية المتقدمة إلى مصر.

تشير الدراسات الحديثة إلى أن حضارة الهكسوس تشبه تلك التي نشأت في فلسطين وبلاد الشام خلال فترة البرونز الوسيط. نظرًا لأن الهكسوس دخلوا إلى مصر من الخارج وكانت السلطة المركزية في مصر ضعيفة في تلك المرحلة.

هناك اتجاه بين الباحثين لاعتبار الهكسوس جزءًا من الحضارات التي تطورت في مصر والعراق، حيث تم ابتكار الكتابة وتسجيل الأحداث. لذا، يتم تمييزهم بأسماء متعددة، وقد يتطابقون مع الكنعانيين في فلسطين والفينيقيين في لبنان والعموريين في سوريا وشرق الأردن.

تظهر الآثار المكتشفة في مواقع الهكسوس في الدلتا مثل تل الضبعة وتل المسخوطة وتل اليهودية، وجود علاقة وثيقة مع الحضارة الكنعانية في فلسطين والحضارة الفينيقية على الساحل السوري.

عندما استولوا على السلطة في مصر، امتلك الهكسوس تجربة في إدارة الحكم. هذا يشير إلى أنهم كانوا على تواصل مباشر مع الحضارات المتقدمة في مصر وغيرها. على الرغم من أن أصولهم كانت بدوية، إلا أنهم لم يتأخروا في اعتناق نمط حياة الحضارة المدنية واستخدام إنجازاتها في إدارة إمبراطوريتهم داخليًا وخارجيًا.

بالإضافة إلى الأدلة اللغوية التي يستند إليها الباحثون لتحديد أصول الهكسوس، هناك اتفاق عام بين الباحثين على أن النجاح الباهر الذي حققه الهكسوس في حروبهم وفي إقامة إمبراطوريتهم يعود بشكل أساسي إلى الجيش الذي بنوه واعتمدوا عليه في تحقيق هذا النجاح.

advertisement

الأثار والفنون العسكرية التابعة للهكسوس

ظهرت الهكسوس كقوة موحدة تعتمد على آلة عسكرية متقنة ونظام حكم فعال، مما يشير إلى تجربة طويلة في الحكم في وطنهم الأصلي. في النصف الثاني من القرن الثامن عشر قبل الميلاد، شهدت فترة من الاستقرار السياسي والازدهار الاقتصادي ليس فقط في مصر بل أيضًا في الهلا الخصيب الغربي. يُعزى ذلك إلى قوة السلطة المركزية التي أنشأها ملوك الهكسوس في عاصمتهم أفاريس (تل اليهودية) في الدلتا الشرقية. برز من بينهم ملكان: حيان الذي يشير اسمه إلى أصله العموري، وعا أو سير رع أبو فيس الذي حكم لمدة 40 عامًا ويبدو أنه اعتمد اسمًا مصريًا. توجد أيضًا أسماء أخرى ذات أصول سامية مثل يعقوب وهاروعفات وهار وحور وغيرها لم يتم تحديد أصولها حتى الآن.

يتفق الباحثون عمومًا على أن النجاح الباهر الذي حققه الهكسوس في حروبهم وتأسيس إمبراطوريتهم يعود بشكل أساسي إلى الآلة العسكرية التي بنوها واعتمدوا عليها كمحور للفئة الحاكمة في مجتمعهم. وبينما استخدم البرونز بشكل رئيسي في صناعة الأسلحة، يُعتقد الآن أن الهكسوس كانوا أول من قدم الخيل وعربات الحرب الخفيفة السريعة ذات العجلتين إلى ساحة المعركة، مما أتاح لهم إنشاء قوات عسكرية سريعة لم تتمكن الجيوش المشاة من مواجهتها والصمود أمامها. إن بناء مثل هذه القوات العسكرية يتطلب تأسيس جيش منظم واستمرار التدريب والتنفيذ المهام. لذلك، كان من الطبيعي تشكيل طبقة من العسكريين والنبلاء الذين كانوا يقودونهم ويعينون عبيدًا للعمل تحت إمرتهم. وكان هؤلاء المحاربون المحترفون يُعرفون باسم “مريان”، والذي يعني “أبطال شجعان”، ويُعتقد بعض المؤرخين الذين يرجعون أصول الهكسوس إلى الهند أو أوروبا أن هذا المصطلح مشتق من اللغة الهندية-الإيرانية، ولكن هذا ليس مؤكدًا، فالكلمة “مار” تعني السيادة والشجاعة في اللغات السامية. وتستخدم هذه الكلمة في اللغة العربية حتى الآن.

يجب الذكر أيضًا أن النظام السياسي والاجتماعي الذي ساد إمبراطورية الهكسوس كان قائمًا على النظام الإقطاعي، حيث منح الملوك العسكريون النبلاء قطعًا من الأراضي وأداروها بمساعدة الفرسان وعمال محليين أو عبيد من أسرى الحروب. انتشر هذا النظام في غرب آسيا بأكملها في تلك الفترة، بما في ذلك شمال مصر، واستدعى بناء حصون عسكرية كمقار للنبلاء ومساعديهم وجنودهم. تشير بقايا هذه الحصون المنتشرة في بلاد الشام وخاصة في فلسطين ومدن الهكسوس في الدلتا المصرية الشرقية مثل تل اليهودية إلى ذلك.

advertisement