advertisement

محاولة ضم الكويت الاولى والثانية

advertisement

إعلان قاسم ضم الكويت هو حدث تاريخي حصل في عام 1961، عندما أعلن رئيس وزراء العراق عبد الكريم قاسم أن الكويت هي جزء من الأراضي العراقية وأنه سيستخدم القوة لفرض مطالبه. هذا أثار أزمة سياسية بين البلدين وأدى إلى تدخل بريطاني وعربي لحماية استقلال الكويت. الأزمة بدأت بعد أسبوع من إعلان الكويت استقلالها من بريطانيا في 19 يونيو 1961، وإلغاء اتفاقية الحماية الموقعة عام 1899. وفي 25 يونيو، عقد قاسم مؤتمرا صحفيا في بغداد وطالب بضم الكويت إلى العراق، مدعيا أنها أرض عراقية فصلها الاستعمار البريطاني عن العراق.بينما الكويت رفضت المطالبة العراقية وطلبت من جامعة الدول العربية قبولها فيها. كما طلبت المساعدة العسكرية من بريطانيا والسعودية لصد أي هجوم عراقي محتمل.

advertisement

محاولة الضم الأولى

تربّع على عرش العراق في سنة ١٩٣٣ الملك غازي ابن الملك فيصل الأوّل. وكان شاباً في الحادية والعشرين من عمره يعشق سيارات السباق ويهوى الطائرات الخفيفة ويعطي لحياة الشباب بما فيها من لهو ومرح أهميّة كبرى. وكانت تصل إلى مسامع الملك الشاب أخبار الزعيم أدولف هتلر. وفي سنة ١٩٣٨ كان الملك غازي يتابع عملية ضم إقليم السوديت إلى ألمانيا، لأنّ سكّان هذه المنطقة إمّا يتحدّثون اللغة الالمانية وإمّا همّ من لالماني، ومطالبة بولندا بمدينة (تشن) من تشيكوسلوفاكيا، بينما طالبت إيطاليا بتونس وكورسيكا وجيبوتي. وكان الإعلام النازي يبث برامجه بشكل ملحوظ في العراق والبلدان العربية في محاولة لتحريض العرب على الانكليز، مع العلم أنّه كان للسفير الالماني سلطة لا يُستهان بها في بغداد. اذاً كان للتثقيف النازي دور مهمّ في دفع العراق إلى ضمّ الكويت. فخيّل للملك غازي أنّ الكويت هي سوديت أخرى تعود إلى العراق، إذ إنْ الكويتيْين والعراقيِّين يتحدّثون اللّغة نفسها، وكانت الكويت تابعة لولاية البصرة. فراح يعد برنامجاً للكويتيْين شبيهاً بالبرنامج الذي أعدّه هتلر لسكّ السوديت.لكنه فشل في ذلك بسبب رفض حاكم الكويت ومعارضة بريطانيا.

اهداف محاولة الضم الاولى

advertisement

حاولت الجهات الكويتية توضيح أهداف محاولة الضمّ هذه بما يلي:

  • في سنة ١٩٣٨ تمْ اكتشاف حقل نفط مهمّ في [البرقان] وعد البلاد بمستقبل باهر من الناحية الاقتصادية والمالية. فطمع العراق به وأراد استغلاله من خلال الضمّ.فجاء ردّ العراق على ما سبق أنَّ النفط لم يكن من اهتمامه في ذلك الوقت، فهو كان في أعلى قوائم الدول المصدّرة للحبوب في العالم.
  • كان العراق قد أبرم معاهدة مع إيران سنة ١٩٣٧ عُرفت تحت إسم (اتفاقية شط العرب)، قدّم العراق بموجبها تنازلات لَإيران، ممّا أدّى إلى تضييق نافذته على الخليج، فأراد توسيع هذه النافذة.
  • أراد العراق أن يقيم اتحاداً جمركيّاً مع الكويت، غير أنّ هذه المحاولة باءت بالفشل بسبب اختلاف أنظمة هذين البلدين الاقتصادية. فرأى العراق أنّ ضمّ الكويت إليه سيقضي على تجارة التهريب ومصدرها الكويت .

محاولة الضمّ الثانية

في عام ١٩٦١، أعلن الزعيم العراقي عبد الكريم قاسم رغبته في ضمّ الكويت إلى العراق، مستنداً إلى أسباب تاريخية وجغرافية. لكنه لم يقم بحملة عسكرية لتحقيق هذا الهدف، رغم أنّ قوّات بريطانية وعربية تدخّلت لحماية سيادة الكويت. فكانت ردّة فعل الأحزاب والحركات السياسية في العراق متباينة ومتضاربة حول هذه المسألة.

advertisement

  • الحزب الوطني الديموقراطي: كان هذا الحزب هو الوحيد الذي أيّد قاسم في رغبته بضمّ الكويت وقبل بالحجج والمبرّرات التي أعطاها.
  • الحزب الشيوعي: كان هذا الحزب معارضاً لفكرة ضمّ الكويت إلى العراق، مؤكداً على ضرورة تحريرها أولاً من التأثيرات والسلطات الأجنبية، ومن ثم يختار شعبها مصيره بإرادته. كما اتهم هذا الحزب قائد الفرقة الأولى في جيش قاسم، حميد الحصونة، بأنّه تلقّى رشوة من حكام الكويت مقابل عدم تنفيذ أوامر قاسم.
  • الحزب البعث: كان هذا الحزب من أشد المنتقدين لسياسة قاسم تجاه الكويت، معتبراً أنّه استخدم هذه المسألة كوسيلة لإلهاء شعبه عن المشاكل والجرائم التي ارتكبها في حقّه، وأنّه خان المشروع القومي والإشتراكي.
  • الحركة والرابطة القومية: كانت هاتان المؤسستان مؤثّرتان في المشهد السياسي في ذلك الوقت، وكانتا تؤيّدان فكرة التفرقة بين ضمّ ووحدة. فضمّ يعني اغتصاب إرادة شعب آخر، بينما وحدة تعني تضامن وتآزر بشروط متفق عليها. كانت هاتان المؤسستان تستلهمان أفكار جمال عبد الناصر، رئيس مصر الذي كان يدعو إلى الوحدة العربية.

أسباب إعلان قاسم ضم الكويت

  • قاسم ادعى أنه يحمي الدول العربية، وخاصة الكويت، من التدخلات والاستغلالات الأجنبية، وأنه يجب على العراق أن يسيطر على مواردها الطبيعية، وفي مقدمتها النفط.
  • قاسم اعتبر أن كلمة كويت هي اسم عراقي يطلق على أماكن مختلفة في العراق، مثل كوت العمارة وكوت الزين، وأنه لا يوجد شعب كويتي مستقل.
  • قاسم ربط بين تاريخ وثقافة وجغرافية العراق والكويت، وزعم أنهما شعب واحد يجب أن يندمج في دولة واحدة.
  • قاسم استغل شعور بعض الكويتيين بالانتماء إلى العراق، وأسند لهم مناصب حكومية في إدارة المحافظة التابعة للبصرة.
  • قاسم سعى إلى توسيع نفوذه في المنطقة، وإلى مواجهة شاه إيران المتحالف مع الولايات المتحدة، بالحصول على ساحل في الخليج.
  • قاسم شهد نموًا كبيرًا في إيرادات الكويت من صادرات النفط، التي ازدادت بشكل مذهل خلال عشر سنوات، وأراد أن يستفيد منه.

تحرك بريطانيا لمساندة الكويت

advertisement

advertisement

بعد إعلان قاسم ضم الكويت، طلبت الحكومة الكويتية مساعدة بريطانيا التي كانت تربطها بها اتفاقية دفاع منذ يناير 1961. فأجابت بريطانيا بسرعة على نداء الكويت، وأطلقت عملية عسكرية باسم “فانتاج” لإرسال قوات إلى البر والجو والبحر. تم تنفيذ هذه العملية في ثلاث مراحل:

  • المرحلة الأولى: في 1 يوليو 1961، وصل 600 جندي بريطاني إلى شواطئ الكويت.
  • المرحلة الثانية: في 3 يوليو 1961، انضمت قوات بحرية وجوية بريطانية كانت متمركزة في البحرين وعدن إلى الجنود في البر.
  • المرحلة الثالثة: في 4 يوليو 1961، حضرت قوات بريطانية إضافية من كينيا وقبرص عبر طائرات نقل بريطانية وروودسية. وبهذا، بلغ عدد القوات البريطانية في الكويت حوالي 6000 جندي وضابط بقيادة مارشال جو تشارلز إلورث.

موقف جمال عبد الناصر من ضم الكويت

ظن قاسم أنه سيربك وسيلحق الإحراج بالزعيم المصري جمال عبد الناصر بإعلانه ضم الكويت. لكن هذه التوقعات خابت، فأصدر عبد الناصر بعد يومين من إعلان قاسم بياناً باسم الجمهورية العربية يفرق بين مفهومي الضم والوحدة. فأكد على رفضه لضم الكويت دون رضا شعبها، وأبدى تفهمه لبعض المطالب العراقية بالوحدة مع الكويت على أساس الروابط التاريخية والثقافية بين الشعبين. ولكنه حذر من خطورة التصادم مع القوى الغربية التي تسيطر على بترول الخليج، ودعا إلى تشجيع الشعوب والدول في المنطقة على التعاون والتنمية تحت مظلة القومية العربية. وقال عبد الناصر في خطابه: “نحن وقفنا ضد عبد الكريم قاسم عندما أراد أن يضم الكويت، إننا لم نفعل ذلك عن عداء لعبد الكريم قاسم، كما قال البعض في العراق وقتها، وإنما اتخذنا موقفنا على أسس موضوعية أريد أن أشرحها لكم الآن، لأن فيها ما لم يكن ممكناً الجهر به علناً في ذلك الوقت. سوف تكون كارثة إذا تحقق للناس في هذه المنطقة أنها تخلصت من الوجود الإنكليزي السافر لكي يبتلعها العالم العربي الواسع. وأنا مستعد أن أتفهم بعض دعاواكم، وقد سمعت وقرأت الكثير من وثائقكم، ولكني أقول لكم في منتهى الوضوح أن ما تطلبونه فات أوانه بحكم الحقائق العربية والدولية. إن الإنكليز لم يعودوا وحدهم في السيطرة على بترول الخليج. وإنما هذه السيطرة انتقلت أكثر إلى يد الأميركتين..”

دعم جامعة الدول العربية للكويت

في 20 يوليو 1961، عقدت جامعة الدول العربية اجتماعاً طارئاً حضره جميع الأعضاء ما عدا العراق. وبعد مناقشة الموقف الكويتي، اتخذت الجامعة قرارات هامة تضمنت:

advertisement

  • التزام الحكومة الكويتية بطلب سحب القوات البريطانية من أراضيها في أسرع وقت ممكن.
  • التزام الحكومة العراقية بعدم استخدام القوة لفرض ضم الكويت إلى العراق.
  • تأييد أي رغبة تعبر عنها الكويت في الوحدة أو الاتحاد مع أي دولة عربية أخرى.
  • ترحيب بانضمام دولة الكويت إلى جامعة الدول العربية كعضو كامل.
  • دعم طلب دولة الكويت للحصول على عضوية في منظمة الأمم المتحدة.
  • تعهد بتقديم مساعدات فعالة لحماية استقلال وسيادة الكويت، وتفويض الأمين العام لاتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك.

رد فعل عبد الكريم قاسم والحزب الشيوعي

لم يستطع قاسم تنفيذ تهديده بضم الكويت، رغم أنه لم يواجه أي مقاومة عسكرية من قبلها. فالقوات البريطانية والعربية التي توافدت إلى المنطقة كانت عائقاً كبيراً أمام خططه. وهذا أثار استغراب وانتقادات من بعض حلفائه وخصومه في الساحة السياسية. فالحزب الوطني الديمقراطي كان المؤيد الوحيد لفكرة ضم الكويت، وقبل بالأسباب التي ذكرها قاسم لإلغاء هذا المشروع. أما حزب الشيوعي العراقي، فكان معارضاً لضم الكويت، واتهم قائد الفرقة الأولى اللواء حميد الحصونة بأخذ رشوة من الكويت مقابل عدم تنفيذ أوامر قاسم. وزعم هذا الحزب أنه كان يجب تحرير الكويت من النفوذ البريطاني أولاً، ثم إتاحة الفرصة للشعبين العراقي والكويتي لتقرير مصيرهما.

ردود فعل على إعلان قاسم ضم الكويت

  • رفضت الكويت المطالبة العراقية، وأصرت على استقلالها، الذي أعلنته في 19 يونيو 1961 بإلغاء اتفاقية التحالف مع بريطانيا.
  • طلبت الكويت مساندة بريطانيا، التي كان لديها اهتمامات استراتيجية في المنطقة، والتزامات تاريخية مع حكامها.
  • استجابت بريطانيا لطلب الكويت، وأرسلت قوات عسكرية لحماية سلامة أرضها. كان لديها ثلاث مراحل للتدخل العسكري:
    • المرحلة الأولى: وصول 600 جندي بريطاني إلى البر الكويتي في 1 يوليو 1961.
    • المرحلة الثانية: انضمام قوات بريطانية أخرى من البحرين وعدن إلى الكويت في 3 يوليو 1961.
    • المرحلة الثالثة: وصول قوات بريطانية من كينيا وقبرص بواسطة طائرات نقل إلى الكويت في 4 يوليو 1961. وصل عدد القوات البريطانية في الكويت إلى حوالي 6000 جندي وضابط.
  • تضامنت مع الكويت دول عربية أخرى، مثل مصر والسعودية والأردن والسودان، وأرسلت قوات لمساعدتها في التصدي لأي هجوم عراقي محتمل.
  • انقسمت جامعة الدول العربية حول قضية الكويت، ولم تتمكن من اتخاذ قرار موحد. أجلت جلستها إلى 12 يوليو 1961، لكنها لم تصل إلى حل سلمي.
  • قطع العراق علاقاته مع الدول التي اعترفت بالكويت، مثل لبنان وتونس والأردن وإيران والولايات المتحدة واليابان. كما هدد بإغلاق خط أنابيب نفطه إلى سوريا.
  • انتهت الأزمة بمقتل قاسم في انقلاب عسكري في 8 فبراير 1963، وأنسحاب القوات العربية نهائيًا من الكويت في 20 فبراير من نفس العام.

الاتفاق العراقي الكويتي عام ١٩٦٣

بعد أن تمّ إعدام قاسم في انقلاب عسكري في عام ١٩٦٣، تغيّر الموقف العراقي تجاه الكويت، وتمّ عقد اجتماع بين رؤساء البلدين في بغداد في تشرين الأول من نفس العام. وفي هذا الاجتماع، اعترف العراق بالكويت كدولة مستقلة وسيادية، واتفق البلدان على تطوير علاقاتهما في المجالات الثقافية والتجارية والاقتصادية والديبلوماسية. كما حصلت الكويت على حاجتها من المياه من العراق، وألغيت الحواجز الجمركية بينهما. وبهذا، زالت الخلافات التي فرّقت بين شعبيهما لسنوات طويلة. لكن هذا التحسّن في العلاقات لم يستمر طويلاً، ففي السبعينات، عاد العراق يطالب بضمّ جزيرتي وربة وبوبيان، مدّعياً أنّه لا يملك منفذاً على الخليج. وأصبح رسم الحدود بين البلدين مسألة مثيرة للجدل والصراع.

advertisement