advertisement

حياة الاسكندر الأكبر المقدوني وبطولاته

advertisement

كان الإسكندر الأكبر ليس مجرد قائد حربي، بل كان أيضًا إداريًا عظيمًا. كانت نيته توحيد الشرق والغرب وجعلهما دولة موحدة تحت سيطرته. وقد بدأ في تحقيق هذا الهدف، حيث قام بملء البلاد الشرقية التي فتحها بالتجار اليونانيين والثقافة اليونانية. تزوج أيضًا من امرأة فارسية وأوصى قادته بالزواج من نساء فارسيات، معتقدًا أن ذلك سيساهم في تجانس عناصر الشرق والغرب وتوحيد كلمتهم.

advertisement

كان الإسكندر مهتمًا بإصلاح الأمور التجارية والعلمية خلال فتوحاته. على سبيل المثال، أرسل مجموعات من النباتات والحيوانات من الهند إلى أرسطو، معلمه، لدراستها علميًا. قام بنشر الثقافة اليونانية في الشرق من خلال فتوحاته، وأثر في صبغ البلاد التي فتحها بالثقافة اليونانية، ولا يزال هذا التأثير ظاهرًا في بعضها حتى يومنا هذا، على الرغم من تأثير الثقافة الإسلامية التي تلته.

ولادته وتوليه الحكم

ولد الإسكندر الأكبر في بيلا، العاصمة القديمة لمقدونيا، وهو ابن الملك فيليبوس الثاني ملك مقدونيا والأميرة أوليمبياس أميرة سيبرس. في صيف عام ٣٣٦ قبل الميلاد، تم اغتيال فيليبوس الثاني وتولى الإسكندر الحكم. وجد نفسه محاطاً بالأعداء ومهدداً بالتمرد والعصيان من الخارج، فقضى على المتآمرين وأعدائه من الداخل بحكم الإعدام. ثم انتقل إلى ثيساليا حيث حصل على تأييد حلفائه وسيطرتهم هناك. بعد استعادة الحكم في مقدونيا قبل نهاية صيف ٣٣٦ قبل الميلاد، أعاد تأسيس موقعة في اليونان وتم اختياره من قبل الكونغرس كقائد.

advertisement

الاغريق قبل قدوم الإسكندر

قبل وصول الإسكندر المقدوني، وقعت بلاد الإغريق في حروب أهلية طويلة وفتن عظيمة تعرف بحروب بلوبونيز. كانت هذه الحروب تندرج تحت مسمى شبه الجزيرة بلوتيز بلاد الإغريق، وقد استمرت من عام 431 قبل الميلاد حتى عام 404 قبل الميلاد. تلك الحروب أدت إلى تراجع بلاد الإغريق وانحدارها نحو الانحطاط والتدهور.

في ذلك الوقت، كانت بلاد مقدونيا تتقدم وتظهر بسبب أسباب مختلفة. مقدونيا هي بلاد تقع في شمال بلاد الإغريق، وكان سكانها مرتبطين ارتباطًا وثيقًا بالإغريق. كانوا أشخاصًا بني البنية وأقوياء، وكانوا في البداية رعاة للأغنام ومزارعين. ولم يكن لهم أي دور بارز في التاريخ قبل ظهور فيليب المقدوني (فلبس).

يُذكر أن هذا الملك، حسبما يروي المؤرخون، كان ذا ذكاء عالٍ وقوة بدنية قوية. تعلم فنون الحرب والسياسة في طيبة، ثم عاد إلى بلاده ونقل تلك الحضارة الإغريقية إليها. استغل فيليب غفلة بلاد الإغريق وبنى دولته العظيمة.

advertisement

بدأ فيليب في توسيع ملكه نحو الشمال، ثم توجه نحو الجنوب وتغلب على جميع الصعاب التي واجهته. وبفوزه في معركة كيرونيا في عام 338 قبل الميلاد على الإغريق، سيطر فيليب على جميع ولاياتهم. منذ ذلك الحين، اندمج تاريخ الإغريق مع تاريخ مقدونيا.

الإسكندر ملك على بلاد الاغريق وعمره عشرين عاماً

الإسكندر الأكبر، الملك الذي حكم بلاد الإغريق، كان عمره عشرين عاماً فقط! يروي المؤرخون أنه بعد استقرار الأمور لفيليب في بلاد الإغريق، أراد غزو بلاد الفرس للانتقام منهم على ما ارتكبوه في الماضي بحق أثينا. ولكن الموت حال دون تحقيق مآربه وقتله في عام 336 قبل الميلاد.

بعد وفاة فيليب، تولى ابنه الإسكندر الحكم، وكان وقتها عمره عشرين عاماً فقط. كانت الإغريق يرونه الأصغر في السن، وزعموا أنه لا يستطيع إدارة مملكتهم العظيمة بسبب صغر سنه. كانوا يعتبرونه بعيدًا عن الحضارة الإغريقية ويرونه غير قادر على مواجهة التحديات التي تواجهه. ولكن الإسكندر، بمهارته الفائقة، تمكن من إخماد الثورة التي اندلعت ضدهم قبل أن تتفاقم، وأثبت للعالم أجمع أنه أقوى وأشد بطشًا مما كانوا يتصورون. واسترد جميع ولاياتهم.

advertisement

advertisement

وقد تربى الإسكندر تحت إشراف الفيلسوف الكبير أرسطو، الذي كان واحدًا من أعظم رجال العلم في ذلك الوقت. على الرغم من انتقاد الإغريق للإسكندر بسبب صغر سنه، إلا أنه استطاع ببراعته أن يهدأ ثورتهم قبل أن تتصاعد، وأثبت للعالم أجمع قدرته وقوته التي تفوق تصوراتهم. وبعد تعامل قاسٍ مع حركة الاحتجاج، اعترف أهل بلاد الإغريق بسلطان الإسكندر وأصبحوا يقدرونه ويقتدون به.

الإسكندر لم ينظر إلى بلاد الإغريق كعدو، بل نظر إليهم كرؤساء ومشرفين على الأمم الأخرى، ورؤساء مماثلين له أمام الأمم الأخذ بناصرها. لم يمضِ وقت طويل حتى بدأ الإسكندر في التحضير لغزو بلاد الفرس للانتقام من الإغريق وتحقيق العدالة على ما ارتكبه الفرس في هجماتهم على دارار وأجزرسيس.

القضاء على بلاد الفرس

في عام 334 قبل الميلاد، قاد الإسكندر جيشه لغزو بلاد الفرس، وعدد المقاتلين ما يقرب من خمسة وثلاثين ألفاً. كان الفرس في ذلك الوقت يحتلون مصر، وعلى الرغم من أن عدد الجيش الإسكندري كان صغيرًا، إلا أنه كان مجهزًا تجهيزًا جيدًا ومنظمًا بشكل لا يصدق، وكان لديه قادة ماهرين. ومن خلال ذلك استطاع تحقيق انتصار كبير لا يُضاهى في التاريخ.

يروي المؤرخون أن الإسكندر سار بجيشه إلى آسيا الصغرى وواجه الفرس عند نهر غرانيق. وبعد قتال عنيف، تمكن من هزيمتهم وقهرهم، ثم واصل تقدمه عبر الساحل الغربي لآسيا الصغرى واستولى على جميع المدن الإغريقية التي واجهها في طريقه. ثم توجه إلى وسط آسيا الصغرى، ولم يجد أي مقاومة من الفرس.ثم توجه إلى بلاد الشام، ولم يواجه أي معارضة في طريقه حتى وصوله إلى مدينة إسوس على الشاطئ الشمالي الشرقي للبحر المتوسط. هناك قابل جيشًا فارسيًا ضخمًا يقوده داريوس الثالث، ملك الفرس، في عام 333 قبل الميلاد. ومع أن أعداد الجيش الفرسي كانت كبيرة، إلا أنها لم تكن مفيدة بجانب مهارة وحكمة الإسكندر وقوة جيشه. تمكن الإسكندر من تفكيك الجيش الفارسي وهزيمة داريوس، الذي فر هاربًا. وتُعرف هذه الحادثة باسم “معركة إسوس”.

الاسكندر الأكبر يوطد أقدامه فى مصر

advertisement

يشيرون المؤرخون إلى أن الإسكندر الأكبر، بعد هزيمته لجيوش الفرس في معركة إسوس، تقدم نحو مدينة صور في مصر. بعد معاناة كبيرة، استولى على المدينة، وبذلك سيطر على منطقة الشام. ثم قام بالتوجه نحو مصر. بسبب الحروب التي خاضها الفرس ضد الإسكندر، قرر الفرس استدعاء حاميتهم من مصر.

عندما وصل الإسكندر الأكبر إلى بلوز في عام 232 قبل الميلاد، استقبله المصريون بحفاوة، خاصة بعد سماعهم عن عدالته وحكمه الحكيم ومحبته لمصر. كان الشعب المصري يعاني من الاستبداد والظلم الذي فرضه الفرس عليهم، لذا كانوا يناشدون الإسكندر بأن يدخل مصر ويحررها من الحكم الفارسي. وبنتيجة لذلك، فُتحت مصر وأبوابها أمام الإسكندر الأكبر بدون مقاومة تذكر. لم يتجرأ الوالي الفارسي على مقاومته، بل قابله بترحاب في منفه.

بعد ذلك، توجه الإسكندر الأكبر إلى واحة “آمون الكبرى” في صحراء سبوة بمصر. دخل معبد آمون واستقبله الكهنة باحترام كبير. أظهر الإسكندر احترامًا كبيرًا لديانة المصريين وقدم القرابين لمعبوداتهم. ومع ذلك، لم يتجاهل العادات والتقاليد الإغريقية، حيث أدخل بعضها إلى مصر مثل الموسيقى والألعاب الرياضية.عندما شاهد الإسكندر قرية راقودة المجاورة لموقع المدينة الحالية للإسكندرية، قرر إقامة حاضرة جديدة وسماها “الإسكندرية”. أمر بحفر ممر مائي بين القرية والجزيرة المجاورة المعروفة باسم جزيرة فاروس، ونشأت بهذه الخطوة مرسيان جميلان.

توجهه الى الشرق

وبعد استقرار الأمور للإسكندر الأكبر في مصر، غادر إلى مغامراته الأخرى في الشرق. عادت سوريا ليكون جزءًا من إمبراطوريته مرة أخرى، ثم توجه نحو بلاد ما بين النهرين (ميزوبوتاميا) حيث التقى جيوشه بجيوش دارا الجرارة. نجح في توحيد الجيوش في معركة إربل في عام 331 قبل الميلاد، وهزم دارا بشكل كبير، مما أدى إلى سقوط دولة الفرس.بعد ذلك، رحب البابليون بالإسكندر واعترفوا به كملك لهم. ثم توجه الإسكندر إلى فارس نفسها واستولى على عاصمتها، سيس، وغيرها من المدن، واستولى على ثروات ضخمة من الذهب والفضة والأحجار الكريمة.

بعد قضاء فترة راحة قصيرة، استكمل الإسكندر الأكبر مسيرته نحو أقاصي بلاد فارس. اجتاز المنطقة المعروفة الآن بأفغانستان وتركستان الروسية والمناطق المجاورة لهما. ثم عبر سلسلة جبال الهملايا مع بعض جنوده الأقوياء، ودخل شبه الجزيرة الهندية واستولى على إقليم البنجاب. كان يرغب في مواصلة مسيرته شرقًا، ولكن جنوده تعبوا وخافوا، لذا قرر السفر جنوبًا على طول نهر السند حتى وصل إلى سواحل المحيط. ثم عاد إلى بابل حيث بدأ في تنظيم شؤون إمبراطوريته العظيمة. ومع ذلك، أصيب بحمى أودت بحياته في عام 223 قبل الميلاد عندما كان يبلغ من العمر 32 سنة و8 أشهر.

advertisement